السبت، 6 أبريل 2013

الأزمة الكورية الشمالية قد تدفع إلى التحرك ضد إيران



الأزمة الكورية الشمالية قد تدفع إلى التحرك ضد إيران

بعد تقييم الخطاب الاستفزازي لبيونغ يانغ وتهديداتها بخوض الحرب


ا ف ب . فيينا -
يعتبر محللون أن الأزمة النووية مع كوريا الشمالية تظهر للقوى الغربية ما يمكن أن يحصل في مواجهة من هذا النوع مع إيران في حال فشلت المفاوضات نهائيا حول البرنامج النووي للجمهورية الإسلامية.
وفي وقت تتوجه فيه الأنظار إلى شبه الجزيرة الكورية لرؤية الى أين يمكن أن تصل كوريا الشمالية في خطابها الاستفزازي، قد يدفع وقع هذه الأزمة القوى العظمى إلى تكثيف المفاوضات مع إيران كما يرى عدد من المحللين فيما تجري مفاوضات مع الجمهورية الإسلامية في المآتا بكازاخستان.
وفي حين أثبتت كوريا الشمالية قوتها النووية مع ثلاث تجارب أجرتها بين 2006 و2013، فإن الجدال حول طبيعة البرنامج النووي الإيراني السلمي يبقى قائما، أهو سلمي كما تؤكد طهران أم أنه يخفي أهدافا عسكرية كما يشتبه المجتمع الدولي.
في هذا المعنى فإن الوضع بالنسبة لإيران ليس متقدما مثلما هو بالنسبة لكوريا الشمالية" على ما قال اوليفر ثراينرت مدير مركز الدراسات حول الأمن في "جامعة اي تي اتش" في زيوريخ لوكالة فرانس برس.
وأضاف "أن الدول الست (الولايات المتحدة، روسيا، الصين، فرنسا، بريطانيا والمانيا) تحرص الآن بكل تأكيد على ألا تجد نفسها مع إيران في الوضع نفسه كما هو مع كوريا الشمالية، بل إنها ستكون أكثر اهتماما بالحاجة لتسوية الأزمة النووية الإيرانية قبل أن تصل البلاد الى مستوى كوريا الشمالية وتمتلك أسلحة ذرية، ما قد يجعل الوضع في إيران أكثر تعقيدا وخطرا".
ومع تطور الوضع في كوريا الشمالية قد تعمد القوى الغربية وخصوصا الولايات المتحدة الى فرض عقوبات جديدة على إيران كما يتوقع مارك فيتزباتريك.
وقال محلل المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية "إن الوضع في كوريا الشمالية سيؤكد بالطبع وجهة نظر إسرائيل القائلة بأن إيران يجب ان لا تصبح قوة نووية".
إلى ذلك لفت اوليفر ماير من المعهد الالماني للشؤون الأمنية الدولية في برلين الى أن العقوبات التي تفرضها الأمم المتحدة تخنق كوريا الشمالية فيما يجد نظامها نفسه معزولا على الصعيد الدبلوماسي واقتصادها منهار.
وهو وضع قد يدفع إيران إلى التفكير بشأن مسار برنامجها النووي.
وقال ماير لوكالة فرانس برس "إن تصرف كوريا الشمالية لا يمر بدون عواقب. والأزمة مع كوريا الشمالية قد تظهر لإيران أن امتلاكها أسلحة ذرية يمكن أن يؤدي الى العزلة".
ورأى اوليفر ثراينرت أن التصعيد بين واشنطن وبيونغ يانغ قد يُظهر ايضا لطهران الى أي حد يمكن أن تذهب في تحديها للقوى الغربية. وأعتبر أن "إيران تراقب عن كثب منذ سنوات الوضع في كوريا الشمالية وحولها. وسترى طهران الآن مدى الضغط الذي سيمارس على كوريا الشمالية".
لكن هناك فروقات بين الحالة الإيرانية والحالة الكورية الشمالية. فإيران ما زالت موقعة على معاهدة عدم الانتشار النووي كما لا تزال الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقوم بزيارات تفتيش في الجمهورية الإسلامية.
"لذلك فمن المهم للغاية بالنسبة للمجتمع الدولي أن يوجه رسالة واضحة إلى طهران بأن اقتناء أسلحة نووية له ثمن. فالذهاب الى (امتلاك) القنبلة الذرية ليس قرارا من شأنه أن يعزز دور إيران في العالم" حسب ما قال اوليفر ماير.


منقول بالتصرف من موقع العربيه

السبت، 16 مارس 2013

تقسيم مصر


تقسيم مصر
 
بقلم: المهدي داريوش ناظم رعایا / المهدي داريوس نازيمروايا
ترجمة : سيف الدين عبدالحميد
صحيفة صحيفة الصحافة
العدد:٦٣٢٧
السودان
التاريخ: ٢٨-فبراير-٢٠١١

مدخل
كان للاحتجاجات في تونس أثر مباشر في العالم العربي، فمصر التي تعتبر القطر العربي الأكبر تتكهرب الآن بالاضطراب الشعبي لإزالة نظام مبارك في القاهرة. ويجب أن نسأل ما هي الآثار التي يحملها هذا الحدث؟ فهل ستنظر الولايات المتحدة وإسرائيل وحلف الناتو بكل بساطة إلى الشعب المصري وهو يكوِّن حكومة حرة؟

إن مَثل الديكتاتوريين العرب كمَثل بيت العنكبوت، فرغم أن العنكبوت تشعر بالأمان في بيتها لكن في الواقع أن بيت العنكبوت هو أوهن البيوت، فكل الديكتاتوريين والمستبدين من حكام العرب يعيشون الآن في خوفٍ بدءاً من المغرب وحتى المملكة العربية السعودية والإمارت العربية المتحدة. ومصر الآن تعيش على حافة ما يمكن أن يرقى إلى أحد أهم الأحداث الجيوسياسية في هذا القرن، فكل الفراعنة قديمهم وحديثهم لهم جميعاً نهاية فقد انقضت أيام مبارك بيد أن القوى التي تقف خلفه لم يُقضَ عليها بعد. ومصر تعتبر جزءاً مهماً من الإمبراطورية الأمريكية الدولية، فالحكومة الأمريكية وتل أبيب والاتحاد الأوربي والناتو لديهم جميعاً مصالح مهمة للإبقاء على مصر ليظل نظامها دميةً في أيديهم.ه

الولايات المتحدة وإسرائيل تريدان استخدام الجيش المصري لضبط الشعب المصري


عندما بدأت الاحتجاجات في مصر ذهب رؤساء الجيش المصري جميعاً إلى الولايات المتحدة وتشاوروا مع المسؤولين الأمريكيين بشأن الأوامر. فالمصريون مدركون تماماً أن النظام في القاهرة هو بيدق في خدمة الولايات المتحدة وإسرائيل، وهذا هو السبب في أن الشعارات المصرية لم توجه ضد نظام مبارك فحسب ولكنها وجهت أيضاً ضد الولايات المتحدة وإسرائيل في تشابهٍ لبعض شعارات الثورة الإيرانية. لقد ظلت الولايات المتحدة مشاركة في أي وجهٍ من وجوه أنشطة الحكومة المصرية، فالقاهرة لم تتخذ خطوة واحدة دون أن تستشير البيت الأبيض وتل أبيب إذ سمحت إسرائيل للجيش المصري أن يدخل المناطق الحضرية في شبه جزيرة سيناء. في واقع الأمر أن الحكومة الأمريكية باتت تعمل ضد الحرية في العالم العربي وما وراءه، فعندما يقول الرئيس أوباما إنه يجب أن تكون هناك فترة «انتقال» في مصر يعني ذلك أن الرئيس مبارك والنظام المصري يجب أن يبقوا آمنين فالولايات المتحدة لا تريد حكومة شعبية في القاهرة حيث قال مارتن إنديك ــ وهو مسؤول سابق في إدارة كلنتون بمجلس الأمن القومي الأمريكي إذ كان مسؤولاً عن الشرق الأوسط والصراع الإسرائيلي/ الفلسطيني كما أنه لصيق بإدارة أوباما ــ لصحيفة النيويورك تايمز إن على الولايات المتحدة أن تعمل في اتجاه حمل الجيش المصري على إدارة مصر ريثما [يمكن] أن تبرز قيادة سياسية معتدلة وشرعية. ولم يدعُ إنديك إلى سيطرة عسكرية في مصر فحسب بل استخدم أيضاً الكلام المزدوج لوزارة الخارجية الأمريكية ذلك أن المسؤولين الأمريكيين يقصدون بكلمة «معتدلة» الدكتاتوريات وأنظمة مثل المملكة السعودية والإمارات العربية المتحدة والأردن والمغرب وتونس بن علي، أما مفردة «الشرعية» في نظر المسؤولين الأمريكيين فتعني الأشخاص الذين يخدمون المصالح الأمريكية. ولكن تل أبيب تبدو أقل احتشاماً بكثير من الولايات المتحدة حيال الوضع في مصر، فقد كانت تل أبيب ــ خوفاً من فقدان القاهرة ــ تغري نظام مبارك لإطلاق قوة كاملة من الجيش المصري على المتظاهرين المدنيين كما كانت أيضاً تدافع عن نظام مبارك دولياً. وفي هذا الصدد فقد كان الدور الرئيس للجيش المصري دائماً هو مراقبة الشعب المصري وضبطه والحفاظ على نظام مبارك في السلطة فالعون العسكري الأمريكي المقدم لمصر يرمي لهذا الهدف وحده.ه
مصر الثورية: أهي إيران ثانية في الشرق الأوسط؟
إذا قرر الشعب المصري تأسيس حكومة سيادية حقيقية جديدة فإنها ستكون إيران ثانية في الشرق الأوسط وهذا من شأنه أن يحدث تغييراً جيوسياسياً إقليمياً ودولياً كبيراً وهو تغيير سيربك ويعطل بشكلٍ بالغ مصالح الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل وفرنسا والاتحاد الأوربي والناتو بحيث يرقى إلى خسارةٍ
هائلة كتلك التي حدثت في إيران عام ١٩٧٩م. وإذا برزت حكومة ثورية جديدة في القاهرة فإن محادثات السلام الإسرائيلية/ الفلسطينية الزائفة ستنتهي وستنتهي مجاعة فلسطينيِّي قطاع غزة وسيتقوض حجر زاوية الأمن العسكري الإسرائيلي ومن المحتمل أن يكسب التحالف الإيراني/ السوري عضواً جديداً مهماً. وقد عبَّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن مخاوف تل أبيب حيال تحالف مصر مع إيران وفتح بوابة جديدة للنفوذ الإيراني وذلك في خطاب قال فيه: (إن طهران في انتظار اليوم الذي يخيم فيه الظلام في مصر). ونتنياهو مُحقٌّ في شيءٍ واحد ذلك أن وزارة الخارجية الإيرانية كانت تراقب الأحداث في مصر بتلهف شديد وأن الإيرانيين كانوا في انتظار تكوين حكومة ثورية جديدة يمكن أن تنضم إلى إيران وجبهة المقاومة. كانت طهران مغتبطة وكانت إيران تضج بخطب مسؤوليها حول ما يعتقدون أنه «صحوة إسلامية». وفي الوقت الذي أدلى فيه أعضاء جبهة المقاومة العرب ببيانات هامسة حيال الاحتجاجات في مصر كانت إيران غير العربية جهيرة الصوت في تأييدها للمتظاهرين في العالم العربي. فسوريا أبدت تعليقات محدودة بسبب مخاوفها هي نفسها من الثورة في الداخل، كما كان حزب الله وحماس أيضاً متحفظيْن نسبياً حول موقفيهما حيال الاحتجاجات في العالم العربي لأنهما يريدان تجنب الاستهداف من جانب الأنظمة العربية من خلال اتهامهما بالتدخل. إن ما يسمى بالأنظمة العربية «المعتدلة» تسعى في أية فرصة لتشويه سمعة هؤلاء اللاعبين العرب، ومن ناحية أخرى فإن الحكومة التركية التي تحتفظ بعلاقات لصيقة مع الأنظمة العربية كانت أيضاً صامتة حيال الاحتجاجات في العالم العربي. أما إسرائيل فتهيئ نفسها للواقع المحتمل الذي يتمثل في تبوؤ حكومة عدائية السلطة في القاهرة الشيئ الذي سيحدث إذا نجح الشعب المصري، وتل أبيب لديها خطط طوارئ عسكرية/ أمنية سرية بالنسبة لمصر تحملها الكلمات التالية التي قالها نتنياهو للكنيست الإسرائيلي: (إن اتفاقية السلام لا تضْمَن وجود السلام [بين إسرائيل ومصر]، ولذا لكيما نحمي الاتفاقية ونحمي أنفسنا في الحالات التي تتلاشى فيها الاتفاقية أو تنتهك بسبب تغيير النظام في الجانب الآخر فإننا نحميها بالترتيبات الأمنية على الأرض).ه

 
تهديدات التدخل العسكري الأمريكي والإسرائيلي والأطلسي في مصر: استحضار غزو مصر عام ١٩٥٦م
هناك أيضاً فرصة لتجديد الحرب مع إسرائيل بل هناك فرصة حتى للتدخل العسكري الأمريكي والأطلسي في مصر، فالتهديد بالتدخل العسكري في مصر يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار، ففي عام ١٩٥٦م هاجم البريطانيون والفرنسيون والإسرائيليون معاً مصر عندما قام الرئيس جمال عبد الناصر بتأميم قنال السويس وباستحضار عام ١٩٥٦م يمكن أن تفعل الولايات المتحدة وحلف الأطلنطي ذات الشيء، فقد قال الجنرال جيمس ماتيس قائد القيادة المركزية الأمريكية إن الولايات المتحدة ستتعامل مع مصر «دبلوماسياً واقتصادياً [و] عسكرياً» إذا أغلقت مصر قنال السويس أمام الولايات المتحدة وحلفائها. ففي عام ٢٠٠٨م اقترح نورمان بودهوريتز خلق سيناريو كابوسي خيالي حيث يقوم الإسرائيليون في هذا السيناريو الكابوسي بالاحتلال العسكري لمصافي النفط والموانئ البحرية في الخليج الفارسي لضمان «أمن الطاقة» ويقومون أيضاً بشنِّ ما يسمى بهجومٍ نوويٍّ استباقي على إيران وسوريا ومصر. والأسئلة الرئيسة التي أثيرت عام ٢٠٠٨م هي: «لصالح من يكون أمن الطاقة» ولماذا مهاجمة مصر حيث ظلت حكومة مبارك حليفاً إسرائيلياً وفياً؟ هل سيهاجم الإسرائيليون مصر إذا برزت حكومة ثورية في القاهرة؟ فهذا هو عين ما حدث بعد أعوامٍ قليلة من تسلم جمال عبد الناصر السلطة من محمد نجيب في مصر. وهل هجومٌ عسكريٌّ كهذا على مصر له صلة بخطط الطوارئ العسكرية/ الأمنية السرية لإسرائيل والتي أكدها نتنياهو للكنيست الإسرائيلي؟ وهل سيناريو كابوسي كهذا والذي يشمل استخدام الأسلحة النووية احتمالاً لا شك فيه؟ إن بودوريتز لديه علاقات لصيقة مع كلا المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين ويجدر بالذكر أيضاً أنه تسلم وسام الحرية الرئاسي الأمريكي لتأثيره الفكري في الولايات المتحدة وهو أحد الموقعين الأصليين على مشروع القرن الأمريكي الجديد جنباً إلى جنب مع إليوت آبرامز وريتشارد شيني وجون بوش ودونالد رمسفيلد واستين فوربس وبول وولفويتز. ومشروع القرن الأمريكي الجديد حدد أساساً الخطط لتحويل أمريكا إلى إمبراطورية دولية من خلال السيطرة العسكرية في الخارج وإقرار العسكرة الداخلية.ه
الفوضى المنظمة وتهديدات البلقنة في مصر: خطة ينون قيد العمل

إن مصر لا يمكن أن تدار بواسطة نظام مبارك والولايات المتحدة وإسرائيل وحلفائهم أكثر من ذلك، وبالتالي فإن الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفائهما يعملون الآن لتقسيم مصر وزعزعة استقرارها بحسبانها الدولة العربية الأقوى حتى لا يبرز تحدٍّ استراتيجي من تلقاء القاهرة. فالهجمات على المتظاهرين السلميين في ميدان التحرير بقلب القاهرة بواسطة بلطجية نادي «الفيتو» التابعين لمبارك الممتطين ظهور الجمال والخيول كانت حدثاً مرتباً ترتيباً مرحلياً لخلق دعم شعبي خارج العالم العربي للحصول على رجلٍ دكتاتوريٍّ قوي في القاهرة، وهو حدث مثَّل صورةً نمطية وموقفاً شرقياً خاطئاً حول العرب وشعوب الشرق الأوسط، ولم يكن مدهشاً إذا لعبت الولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا أدواراً مباشرة أو استشارية في الحدث. وفي مفارقة كبيرة عن الواقع أعد إعلام نظام مبارك المملوك للدولة تقريراً عن التأييد الشعبي لمبارك بملايين المصريين وقبول واسع بخطابه وخطط «حكومته الانتقالية». ويحاول ذات الإعلام المملوك للدولة ــ في إبداء يأس ــ إلقاء اللوم على إيران وحلفائها العرب للاحتجاجات المصرية، فوسائل الإعلام المصرية المملوكة للدولة قالت إن جنود الكوماندوز الإيرانيين وقوات خاصة جنباً إلى جنب مع حزب الله اللبناني وحركة حماس الفلسطينية كانوا في مهام تتعلق بزعزعة الاستقرار والتخريب ضد مصر. ولم تكن هذه الأشكال من الاتهامات التي يلقيها النظام في القاهرة جديدة، فاليمن والبحرين والأردن ومحمود عباس جميعهم يفعلون ذات الشيء. ونظام مبارك ألقى اللوم على إيران وحزب الله والتيار الوطني الحر وسوريا وحماس للتدخل والتحريض على الثورة عدة مرات في الماضي، فعندما انتقد التيار الوطني الحر نظام مبارك بسبب معاملة المسيحيين المصريين اتهم نظام مبارك من ناحيته ميشيل عون بالفتنة الطائفية. ومن ناحية أخرى اتهم حزب الله بإحداث الفوضى في مصر عندما طلب حسن نصر الله من الشعب المصري التضامن مع الفلسطينيين وطلب أن تقوم حكومته بالسماح للعون الإنساني أن يذهب إلى أهل غزة.ه
الفوضى المنظمة تعمل
رغم أن بلطجية مبارك يحدثون أيضاً الفوضى في مصر في محاولة للإبقاء على نظامه في السلطة، لكن عقيدة «الفوضى المنظمة» تستخدم بواسطة لاعبين خارجيين مع وجود خطة ينون الإسرائيلية في البال. يبدو أن جعل المصريين يقاتلون بعضهم البعض وتحويل مصر إلى دولة مقسمة وغير آمنة ــ تماماً مثل العراق الآنجلو/ أمريكي ــ هو هدف الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفائهما، فخلق التوترات بين مسلمي مصر ومسيحييها الذي يشمل الهجمات على الكنائس القبطية هو أمر مرتبط بهذه الخطة، ففي اليوم الثالث عشر للاحتجاجات في مصر هاجم رجال مسلحون يستغلون دراجات نارية كنيسة مار جرجس في مدينة رفح بالقرب من غزة وإسرائيل. إن الولايات المتحدة وإسرائيل لا تريدان إيران ثانية في الشرق الأوسط وسيفعلان كل ما بوسعهما لمنع بروز دولة مصرية قوية ومستقلة، فوجود دولة مصرية حرة داخل العالم العربي قد تثبت أنها أكبر مهدد لأهداف الولايات المتحدة وإسرائيل ومنظمة حلف الأطلنطي من دولة إيران غيرالعربية.ه

النسر المصري بطل الاستقلال العربي
كانت مصر ذات مرة تمثل تحدياً استراتيجياً كبيراً للولايات المتحدة وإسرائيل وفرنسا وبريطانيا في العالم العربي وإفريقيا، فمصر الناصرية ساعدت المقاومة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي للجزائر ودعمت الفلسطينيين دعماً صريحاً ضد الاحتلال الإسرائيلي لأراضيهم ودعمت المقاومة اليمنية ضد الاحتلال البريطاني في اليمن الجنوبي ووقفت عائقاً أمام شرعية الهاشميين الذين نصَّبتهم بريطانيا وأمام بيت آل سعود المدعوم أمريكياً كما قدمت الدعم لحركات التحرر الوطني والحركات المناهضة للامبريالية. إن القاهرة الواقعة تحت حكومة ثورية ــ سواءً أكانت مرتبطة ارتباطاً عميقاً مع الإسلام أم غير مرتبطة ــ يمكن أن تقدم للعالم العربي زعيماً جديداً من شأنه أن يبتعث العروبة ويجعل تل أبيب قلقة حيال محاولة شنّ الحروب وحشد العرب والشعوب الأخرى على نطاق العالم في ثورة ضد الحلف الدولي الذي شكلته الولايات المتحدة وحلفاؤها. إن مصر لم تتحرر من الاسترقاق بعد، فالشعب المصري يجب عليه أيضاً أن يعالج دور الرأسمالية العالمية في دعمها نظام مبارك ويجب عليه في ذات الوقت أن يبقى موحداً، فإذا نجح في ذلك فإنه سيخلق أثراً كبيراً على تاريخ القرن الحالي.ه
*مؤلف مستقل يعيش في أوتاوا، وهو أخصائي في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وباحث مشارك في مركز أبحاث العولمة  

درب أورشليم الكبير : حماس تخون إيران وسوريا

 درب أورشليم الكبير : حماس تخون إيران وسوريا
Djeha2 voyage

عموميات
 عندما وصل أمير دولة قطر، حمد، الى قطاع غزة على رأس وفد كبير يضم زوجته موزة، ورئيس وزرائه حمد –وهو شيخ وليس أميرا- استقبله رئيس حكومة حماس، إسماعيل هنية، ونظم حفلا كبيرا بهذه المناسبة. ووقف الرجلان جنبا إلى جنب عندما عـُزف النشيدان الوطنيان الفلسطيني والقطري. بالتأكيد،  تم فرش سجاد احمر على شرفه، بعد ذلك استقبل حشد من مسؤولي حماس الأمير، منهم وزراء حكومة غزة وقيادي من الحركة في المنفى “صالح عروري” جاء إلى الأراضي الفلسطينية خصيصا لهذه المناسبة المجيدة جدا.(1).
 وبالإضافة إلى ذلك، صرح السيد طاهر النونو، المتحدث باسم رئيس حكومة حماس في غزة، الذي ابتلع لسانه عندما قرأ الولاءات للأمير الجديد، أن الزيارة كانت ذات أهمية سياسية كبيرة، لأنه أول زعيم عربي –بالأحرى “عارب” حسب اصطلاحاتنا(2)- لكسر الحصار السياسي(3).
أطلقت صواريخ استبشار، بطبيعة الحال، في سماء غزة، المحاصرة منذ ألفية ونيّف على يد العسكرة الإسرائيلية والخيانة العربية.
 في الشوارع، تعانقت آلاف الأعلام الفلسطينية والقطرية وعلقت صور عملاقة للشيخ حمد: “شكرا لقطر التي تصون وعودها”.. أو “مرحبا”.. يمكن أن نقرأها في لافتات على طول شارع صلاح الدين، في الأراضي الفلسطينية من الشمال إلى الجنوب.
 وقال السيد هنية ان الأمير وافق على زيادة الاستثمار القطري من 254 الى 400 مليون دولار، وذلك خلال احتفال أقيم في خان يونس، بحضور الشيخ حمد، لوضع حجر الأساس لمشروع إسكان للأسر الفلسطينية المحرومة سيحمل ايضا اسم سعادته: حمد أو أمير دولة قطر.
لهذا التواجد الكلي لسعادته الذي سبق العملية العسكرية الإسرائيلية المسماة “دعامة الدفاع”، هذا التسارع المفاجئ للتأثير القطري في غزة، هذا الانتشاء من قادة حماس في معبر رفح الذي استثارته روح الاستبداد الظلامي العارب، صعود الأمير هذا في الوقت الذي ينحدر.. هذا الظهور في الوقت الذي يختبئ، هذا الصمت في حين يتحدث، هذا الضجيج بينما يصمت.. لم يكن ميزة طبع كما أعلن الامير ومتملقوه، ولا هلوسة جماعية، كم يقول ثالبوه، وليس مجرد خطأ في حسابات قادة حماس غداة خيانتهم البغيضة لسورية وإيران.
خيانة حماس لسورية وإيران
بدءا، إن ما افتقدته وسائل الإعلام “المقاومة” خلال الدورة الأخيرة من أعمال العنف في غزة هو الشجاعة ! ليس لشتم “عدوهم”، وهو هنا اسرائيل، بل الشجاعة لتشريح ما يسمى بـ”الحليف” عندما يتحول إلى دليلة، و “الحلف” معه شعرَ شمشون المشتهى(4). هذا ما لم تجرؤ وسائل الإعلام الموسومة بـالـ”مقاومة” على القيام به كرد فعل على خيانة حماس لسورية وإيران.
 وعلاوة على ذلك، بعيدا عن ضجيج القذائف والصواريخ من كلا الجانبين، فرض سؤال بسيط جدا نفسه منذ اليوم الأول من العمليات العسكرية في غزة، لم يتكرم بالاجابة عنه اي من وسائل الإعلام العربية الـ”مقاومة” أو تلك التي لـ”إسرائيل”: أية بعوضة لسعت رئيس الوزراء الإسرائيلي، نتنياهو، حتى يعطي الضوء الأخضر لعملية عسكرية؟ بداية، بساطة سؤال كهذا، لا يستبعد صعوبة في الرد، في النهاية، وبـ”الاجابة” لا ننتظر، طبعا، هرجا اعلاميا أو مرجا، لا يؤدي الى تقديم حقائق موضوعية عن عملية كهذه أو “الإجابة” على السؤال المطروح. بعبارة أخرى، كل ما قيل، وكل ما نشر، وكل ما كان من وسائل الإعلام الإسرائيلية أو “أعدائهم”، الإعلام “المقاوم”، لا يشكل -من وجهة نظر تحليل الخطاب- أي مادة تحليلية لوقائع موضوعية، تفضي إلى عملية “عمود الدفاع”.. والخلاصة الوحيدة من الخطابين الإسرائيلي و”المقاوم” هو أن الطرفين سيطرا بشكل جيد خلال سير العمليات العسكرية، على فن الدعاية!
 في الواقع، ومنذ بداية الحملة الامبريالية على سورية في مارس 2011، انزاحت حماس نحو معسكر ما يسمى “الثورة السورية” أو حتى الحرب الإمبريالية ضد سورية، بتبرير انتقال البندقية من كتف إلى أخرى”، وفقا لتعبير لبناني، كـ”خضوع لإرادة الشعوب العربية” في خضم ربيع العرب(5).
 يكفي موازاة الزيارة التي قام بها رئيس وزراء حركة حماس الاسلامية الفلسطينية اسماعيل هنية الى القاهرة، يوم 24 فبراير 2012، عندما أشاد بما وصفه “سعي الشعب السوري الى الحرية والديمقراطية(6).
 ”أحيي شعب سورية البطل، الذي يتوق الى الحرية، الى الديمقراطية والى الإصلاح”، هكذا قال السيد هنية أمام حشد من مؤيديه تجمعوا في مسجد الأزهر، وذلك في تجمهر مخصص لـ”دعم المسجد الاقصى في القدس والشعب السوري”(7).
 ومن المهم أيضا أن نعرف أن أول زيارة رسمية لرئيس الوزراء هنية، خارج غزة، كانت للإخوان المسلمين في حارتهم العامة “المقطم”، بالقاهرة، حيث علق هناك بأن حماس حركة جهادية لـ”الإخوان المسلمين بوجه فلسطيني”.
 وتحدث السيد هنية أمام حشد من أنصار الإخوان المسلمين الذين هتفوا “لا إيران ولا حزب الله”، “سورية إسلامية”، “ارحل بشار، ارحل ايها الجزار”، في حين ظل قداسته، السيد هنية، كأنما قـُدّ من الرخام(8).
 وعلاوة على ذلك، تجب الاشارة إلى أن حماس ليست مجرد حركة اسلامية فلسطينية، ولكنها أيضا سليلة ايديولوجية دقيقة، هي فكر الإخوان المسلمين، أسوأ أعداء السلطة السياسية في سورية. مؤسسوها الثلاث: أحمد ياسين، عبد العزيز الرنتيسي، ومحمد طه هم ايضا من جماعة الإخوان المسلمين، وهو ما يفسر انقلاب قادة حماس على الرئيس بشار الاسد، مؤيد القضية الفلسطينية التاريخي، بعد أن تلقوا سنوات عدة دعما من سورية في مواجهة إسرائيل، ليتحولوا فجأة 180 درجة الى التموقع في المعسكر الآخر المعارض لدمشق، ويخونوها بالوقوف في صف تركية ومصر والإمارات والسلطنات العاربة في الخليج الفارسي، ويضعوا أنفسهم في تناقض مع “محور المقاومة”، أو القوس الشيعي، وفقا لمعجم العاربين والامبريالية العالمية.
حماس على درب الى اتفاق أوسلو 2
 قبل كل شيء، وحسب عاموس هاريل، محلل صحيفة هآرتس الإسرائيلية، فمنذ بداية العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة، لم يكن لحماس ولا لإسرائيل مصلحة في في أن يتيها في مواجهة عسكرية تستمر طويلا، أو الارتهان من جديد في “مهزلة” مثل حرب غزة 2008- 2009. وبالإضافة إلى ذلك، أضاف هاريل أن تقييم الاستخبارات الإسرائيلية، المعد لمكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يفيد أن حماس تعتبر خارج المواجهة العسكرية، ولا مصلحة لها في التدخل. وقال ايضا انه كلما خـُيّرت حماس بين القيمة الفعلية للمقاومة والسلطة السياسية، اختارت الثانية دوما(9).
مؤشرات عدة تقودنا الى الاستخلاص هنا أن حماس تتجه إلى “أوسلو” جديدة، تفضي الى الاعتراف بإسرائيل.
 أولا، بالتخلي عن “محور المقاومة”، بخيانة سورية وإيران، بتلقي نعمة الروح القدس العارب، بالتموقع في معسكر ما يسمى “المعتدلين العرب” أي في حضن الحرب الإمبريالية ضد سورية.. تفتح حماس، في الواقع، بابا لـ”أوسلو” جديدة، من شأنها أن تؤدي إلى الاعتراف بإسرائيل، برعاية إمارة قطر هذه المرة. تؤكد ذلك الزيارة “لفخيمة” لسعادة امير قطر في غزة ، خصوصا بعد اعلان الأمير تقديم مساعدة قدرها 400 مليون دولار لغزة(10) وملياري دولار لمصر(11).
 ثانيا، هـَدَفَ اشراف مصر على اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وقطاع غزة، وخاتمتها المفاجئة، الى قطع الطريق –اولا- عن المنظمات الفلسطينية الأخرى التي تتبنى خيار المقاومة دوما، والتي لم تتورط حتى الآن في التحالف المقدس ضد سورية، مثل الجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. يضاف الى ذلك ان تدخل مصر وتسرّعها لإعلان وقف إطلاق النار يهدف أيضا إلى الحفاظ على سلطة حماس في غزة في مواجهة حركة الجهاد والجبهة الشعبية. وتجدر الإشارة هنا إلى أن حماس لم تشارك في المناوشات التي سبقت اغتيال الجعبري بين إسرائيل من جهة والمنظمات الفلسطينية من جهة أخرى، وبأن مقاتلي حماس لم يطلقوا رصاصة واحدة ضد إسرائيل خلال المناوشات السابقة. لم يرد قادتها الانزلاق الى مواجهة مع إسرائيل، حتى لا تتضرر خطتهم المتضمنة الدخول تحت عباءة أمير قطر، حمد. في وقت لاحق، اضطرت حماس الى المشاركة في العمليات العسكرية فقط بعد اغتيال أحد قادتها، الجعبري، وإلا لكان المقلب فضائحيا!
 ثالثا، عند اقرار وقف إطلاق النار في القاهرة ، لم تصدر عن زعيم حماس خالد مشعل أدنى إشارة إلى دور سورية أو جمهورية إيران الإسلامية في دعم القضية الفلسطينية خلال سنوات عديدة، وخاصة حماس، ما دفع بالأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، الى التلميح إلى جحود قادة حماس ونكرانها جميل إيران وسورية(12).
رابعا، “مفاجأة المفاجآت” التي حضرها لنا قادة حماس، كانت الفتوى الاخيرة(13) التي تحظر، تكفيرًا، الهجمات ضد إسرائيل(14)! إن من شأن فتوى مثل هذه إرساء أساس وشرعية دينية من اجل اتفاق سلام مستقبلي بين إسرائيل وحماس، وعلى ثلاثة مستويات: مستوى العلاقات مع إسرائيل، مستوى العلاقات بين الفلسطينيين مستوى العلاقات العربية العربية.
فتوى حماس المحرمة للعمليات العسكرية ضد إسرائيل
 أولا، على مستوى العلاقات مع إسرائيل، فإن مثل هذه الفتوى تسهل، في المستقبل القريب، إعلان غزة ارضا “مستقلة”، ليس عن إسرائيل، ولكن عن الضفة الغربية، حيث يُمضي زعيم السلطة الفلسطينية، محمود عباس، في رام الله بقية حياته في الكفاح -إذا جاز التعبير- مع سيمون بوليفار ضد الفراغ والملل، في مطاردة ذباب بطالته الشاقة الاخضر، في متاهاته(15). وبالإضافة إلى ذلك، تؤكد هذه الفتوى، قبل أي شيء آخر، حدود “فلسطين” وترسيمها! ليس فلسطين 1948، ولا فلسطين 1967، ولا حتى فلسطين 1992، بل نوع مصغر ومجهري من اي فلسطين كانت، تمتد على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط من شمال غزة إلى جنوب القطاع!
تهانينا حماس ! مادري دي ديوس، نوسترو سنيور(16)..
 ثانيا، على المستوى الـ”بين-فلسطينيي”، فإن فتوى مثل تلك تحرم أي عمل عسكري ضد إسرائيل، تفرض، بذلك، حماس وكأنها السلطة العسكرية والسياسية والمدنية والدينية الوحيدة في غزة، التي من شأنها وحدها تقرير أمور اعلان الحرب أو تطبيع السلام مع إسرائيل. بيد أن “ارتقاء” حماس هذا الى مصاف الآلهة سيضفي الطابع الرسمي والمؤسساتي ليس فقط على قوتها في غزة بل أيضا على الانقسام الفلسطيني، ويعمل على تسريع إنشاء “كينونتين” اثنتين معزولتين ومنفصلتين عن بعضيها بإقليم إسرائيلي: إمارة حماس في غزة ومقاطعة منظمة التحرير الفلسطينية الضفة الغربية.
يا لها من مهزلة ! يا لها من مأساة ! كان الرب مع يسوع، حيث ذاع صيته في جميع أنحاء البلاد(17)..
 ثالثا، على المستوى العربي، تنشئ الفتوى إقرارا من جانب حماس، واضحا مثل سماء بيروت الزرقاء في عز يوليو، مشيرا إلى قطيعة تامة مع بقية الدول العربية التي لا تزال تقاوم التطبيع مع إسرائيل، ومؤكدا أن المقاومة لم تعد خيارا، في خسارة كبيرة لخطاب النصر عند متباسلي الاعلاميين الفلسطينيين المتشدقين وهؤلاء المنتمين الى ما يسمى اعلام الـ”مقاومة” غداة إعلان الهدنة بين إسرائيل وقطاع غزة.
كما حدث مع الحاج نصر الدين جحا عندما قطع الغصن الذي كان يجلس عليه..
فقد كان الحاج نصر الدين جحا جالسا على فرع كبير في شجرة كرز، منفرج الساقين، سراويله الفضفاضة وبرنوسه الأبيض الطويل يلفان خصره، وساقاه تتأرحجان من جانب إلى آخر كلما لامس فأسه.
ناداه صوت من الاسفل :
ـ  سلام عليكم، حاج نصر الدين حجا أفندي!
قال الحاج نصر الدين جحا الجالس متوازنا على الغصن. وقد ضع فأسه وأصلح عمامته التي مالت على جانب:
 -  وعليكم السلام، خالد أفندي !
حذره خالد:
 ـ  ستسقط عن تلك الشجرة ! انظر كيف تجلس !
رد الحاج نصر الدين جحا:
 ـ ستفعل حسنا لو ابصرت طريقك، إن الناس الذين يحدقون في رؤوس الأشجار والغيوم واثقون من طرق أصابع أقدامهم..
فجأة، وُجد الفرع على الارض، ثم الفأس، ثم الحاج نصرالدين جا. لقد كان منشغلا جدا عن ملاحظة انه كان يجلس على الجانب الخطأ من الفرع الذي كان كان آيلا للانكسار.
ختاما، يبدو أن مصير حماس بعد القطيعة مع سورية وإيران، وبعد تسرع قادتها في الدخول تحت عباءة أمير دولة قطر، ليس أقل مأساوية من مصير الملا الحاج نصر الدين جحا في شيء عندما قطع الغصن حيث كان يجلس، وبقطع جبهتها الخلفية – إيران وسورية- يجد قطاع غزة نفسه الآن ضحية لأمزجة ملوك إسرائيل.
الدكتورة فداء دكروب
 دكتوراه في الدراسات الفرنسية (جامعة ويسترن أونتاريو، 2010): فداء دكروب كاتبة وباحثة وناشطة من أجل السلام والحقوق المدنية.

ترجمة: خالدة مختار بوريجي

الموقع الرسمي للكاتبة
هوامش:
[1]  لوريون، لو جور. (23 أكتوبر 2012). « L’émir du Qatar, “premier dirigeant arabe à briser le blocus politique” à Gaza ». Récupéré le 15 novembre 2012
 [2]   نحن نميز بين “العربي” و”العَارب” أي ساكن شبه الجزيرة العربية، الذي –بالنظر الى أرضيته الثقافية- يتعارض مع الأول، أي العربي. هذا الأخير أنشأ في سوريا، وتحديدا في دمشق، وبتداخل الحضارتين السريانية واليونانية، أو المسيحية السورية، إحدى أعظم الحضارات في تاريخ البشرية، هي الحضارة العربية.
[3]  نفسه.
[4]  في نصوص الكتاب المقدس التي ألهمت الفنانين، نجد ملحمة شمشون ومغامراته المؤسفة مع دليلة. هذه القصة تظهر في كتاب الحكم (13: 1-16: 22).
[5]   تستخدم المؤلفة تعبيرا ساخرا “ربيع العرب” بدلا من “الربيع العربي”
[6]  فرانس 24. (24 فبراير 2012). “« Le Hamas officialise son divorce avec le régime de Damas ». معاد في 26 نوفمبر 2012 في:
[7]  نفسه.
[8]  نفسه.
[9]  هاريل، عاموس (15 نوفمبر 2012). “Gaza escalation doesn’t necessarily mean Israel is headed for war”.، نشر في صحيفة هآرتس. معاد في 26 نوفمبر 2012 في:
[10]   رودرون، جودي. (23 أكتوبر 2012). Qatar’s Emir Visits Gaza, Pledging $400 Million to Hamas”. ، نشر في صحيفة نيويورك تايمز. معاد 26 نوفمبر 2012 في
[11] هندرسون، سيمون. (22 أكتوبر 2012). « Qatar’s emir visits Gaza ». ، نشر في واشنطن انستيتيوت. معاد في 26 نوفمبر 2012 في
 [12]  إعلان عام للأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله. معاد في 26 نوفمبر 2012 في:
[13]  الفتوى، في الإسلام، هي حل قانوني يقدمه المتخصص في الشريعة الإسلامية بشأن مسألة معينة.
[14]  كمال، سانا. (27 نوفمبر 2012): “حماس تحرم خرق التهدئة وتسير دوريات حدودية”. نشر في صحيفة الاخبار. معاد 26 نوفمبر 2012 (مع مراعاة فرق الزمن بين لبنان وكندا).
[15]  إشارة إلى رواية غابرييل غارسيا ماركيز في “الجنرال في متاهة”.. حكاية رومانسية عن الأيام الأخيرة من حياة سيمون بوليفار، محرر وزعيم كولومبيا، تروي أيضا الرحلة النهائية لبوليفار من بوغوتا إلى الساحل الشمالي لكولومبيا في محاولة منه لمغادرة أمريكا الجنوبية الى منفى في أوروبا.
[16]  والدة الله، ربنا. المخطوطة من كانتيغاس سانتا  ماريا، هي واحدة من أهم مجموعات الأغاني الاحادية الصوت، في أدب العصور الوسطى في الغرب، كتبت في عهد ملك قشتالة ألفونسو العاشر المعروف باسم سابيو أو الحكيم وأو (1221-1284).
[17]  سفر يسوع، 6: 27.
http://www.areen.info/?p=3424
منقول...

“محو الدول عن الخارطة”: من ذا الذي يفشل “الدول الفاشلة”؟

البروفيسور ميشيل شوسودوفسكي

“ثمة شائعة خطيرة يجري تداولها حول العالم ويمكنها أن تفضي إلى عواقب خطيرة، مفادها أن الرئيس الإيراني قد هدد بتدمير إسرائيل، أو، طبقاً للعبارة الملفقة المنسوبة إليه “يجب محو إسرائيل من على الخارطة”. وخلافاً للاعتقاد الشائع، فإن هذا العبارة لم ترد إطلاقاً على لسانه” (أراش نوروزي، المحو عن الخارطة: شائعة العصر كانون الثاني/يناير 2007)
لقد هاجمت الولايات المتحدة، على نحو مباشر أو غير مباشر، نحو 44 بلداً في العالم منذ العام 1945، بل إنها هاجمت بعضها على نحو متكرر. وكان الهدف المعلن لتلك التدخلات العسكرية إحداث “تغيير في نظام الحكم”. وفي كل الحالات كانت تستخدم ذرائع “الديمقراطية” و”حقوق الإنسان” لتبرير تلك الأعمال الأحادية غير القانونية. (البروفيسور إريك واندل، حملة الولايات المتحدة الصليبية (1945 – )، غلوبال ريسيرتش، شباط/فبراير 2007)
هذه مذكرة [للبنتاغون] تصف كيف سنقوم باجتياح سبعة بلدان خلال خمس سنوات، بدءاً بالعراق ثم سورية، لبنان، ليبيا، الصومال، السودان، وانتهاءاً بإيران. قلت هل هي سرية للغاية؟ قال “نعم يا سيدي”، فقلت إذن لا ترني إياها.” (الجنرال ويسلي كلارك، ديموكراسي ناو، 2 آذار/مارس، 2007)
* * * * * *
إن واشنطن هي بصدد تدمير قائمة طويلة جداً من البلدان.
فمن ذا الذي يمارس “محو البلدان من على الخارطة” إذن؟ إيران أم الولايات المتحدة؟
 خلال الفترة التي تسمى من قبيل الكياسة “حقبة ما بعد الحرب”—والتي تمتد من العام 1945 وحتى الآن— شنت الولايات المتحدة هجمات عسكرية مباشرة أو غير مباشرة على أكثر من 40 بلداً.
وفيما تقوم السياسة الخارجية الأمريكية على مبدأ نشر الديمقراطية، فإن النزعة التدخلية الأمريكية –بالوسائل العسكرية والعمليات السرية—أدت إلى إشاعة عدم الاستقرار وتمزيق وحدة دول ذات سيادة.
إن تدمير الدول جزء من المشروع الإمبريالي لبسط هيمنتها العالمية. وطبقاً للمصادر الرسمية، فإن لدى الولايات المتحدة 737 قاعدة عسكرية خارج حدودها. (إحصائية 2005)
مصطلح “الدول الفاشلة”
“يتوقع” تقرير التوجهات العالمية (كانون الأول/ديسمبر 2012) الصادر عن مجلس الاستخبارات القومي في واشنطن NIC، أن تتحول 15 دولة في أفريقيا وآسيا والشرق الأوسط إلى “دول فاشلة” بحلول العام 2030 كنتيجة للمنازعات المحتملة والمعضلات البيئية.
وتشمل قائمة البلدان في تقرير المجلس للعام 2012 كلاً من أفغانستان، النيجر، مالي، كينيا، بوروندي، إثيوبيا، راوندا، الصومال، جمهورية الكونغو الديمقراطية، ملاوي، هايتي، اليمن. (انظر ص 39)
وفي تقريرها للعام 2005 والذي نشر عشية التجديد للولاية الثانية للرئيس جورج بوش، توقع مجلس الاستخبارات القومي أن تصبح الباكستان دوبة فاشلة بحلول العام 2015 “تحت تأثير الحرب الأهلية والطلبنة والصراع من أجل السيطرة على الأسلحة النووية.
وقورنت الحالة الباكستانية وقتها بيوغسلافيا التي تشظت إلى سبع دول تابعة بعد عقد من “الحروب الأهلية” التي رعاها وأدارها الناتو والولايات المتحدة.
وتوقعت NIC أن تتحول الباكستان إلى دولة شبيهة بيوغسلافيا تمزقها الحروب الأهلية وحمامات الدم والصراعات الإفليمية (إينرجي كومباس 2 آذار/مارس 2005).
وفيما يشير إلى أن الدول الفاشلة تصبح ملاذاً آمناً للمتطرفين دينياً وسياسياً (ص 143)، فإن التقرير لا يعترف بحقيقة أن الولايات المتحدة وحلفاءها قد دأبت منذ السبعينات من القرن الماضي على تقديم الدعم السري لقوى التطرف الديني كوسيلة لزعزعة استقرار دول وطنية علمانية. فكلا اليلدين باكستان وأفغانستان كان علمانياً خلال السبعينات.
الدول الفاشلة من الطراز اليوغسلافي أو الصومالي ليست نتيجة للانفسامات الاجتماعية الداخلية، بل هي هدف استراتيجي تم تحقيقه عبر العمليات السرية بما في ذلك العسكرية.
يقوم صندوق السلام Fund for Peace في واشنطون المتخصص في “الأبحاث من أجل الأمن المستدام” سنوياً بنشر مؤشر الدول الفاشلة Failed States Index بالاستناد إلى تقييم المخاطر (انظر الخارطة). ثمة 33 دولة جرى تصنيفها كدول فاشة (ضمن فئتي الإنذار Alert أو التنبيه Warn).
ووفقاً لصندوق السلام، فإن “الدول الفاشلة” هي أهداف للإرهابيين المرتبطين بالقاعدة.
ويأتي التصنيف التراتبي السنوي لصندوق السلام ومجلة فورين بوليسي للدول الفاشلة والهشة بمؤشرات عالمية مثيرة للقلق في وقت تتصاعد فيه المخاوف الدولية من إقامة المتطرفين المرتبطين بالقاعدة دويلة حاضنة في شمال مالي لتوسيع نشاطاتهم الجهادية.
وبطبيعة الحال، لم يشر التفرير إلى تاريخ القاعدة بوصفها أداة استخبارية أمريكية أو إلى دورها في نشر الانقسامات والاضطرابات في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وأفريقيا، حيث تشكل نشاطاتها في معظم هذه المناطق جزءاً من الأجندات الاستخبارية السرية الشيطانية.
الدول الضعيفة والفاشلة: تهديد لأمريكا
بمنطق ملتوٍ، يزعم الكونغرس الأمريكي أن الدول الفاشلة الضعيفة إنما تمثل تهديداً لأمن الولايات المتحدة. وتتضمن هذه “عدداً من التهديدات الصادرة عن دول توصف بدرجات متفاوتة كدول ضعيفة، هشة، واهنة، غير مستقرة، مضطربة، فاشلة، مأزومة، أو منهارة“.
عندما انتهت الحرب الباردة في مطلع التسعينات، لاحظ المحللون تشكل بيئة جديدة للأمن الدولي تصبح فيها الدول الفاشلة والضعيفة منصات للجريمة المنظمة العابرة للحدود، وانتشار المواد والتكنولوجيا النووية، وبؤراً ساخنة للمنازعات الأهلية والأزمات الإنسانية. وأصبحت احتمالات المخاطر التي تمثلها الدول الفاشلة والضعيفة أكثر وضوحاً مع هجوم القاعدة في 11 أيلول/سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة التي دبرها أسامة بن لادن من ملاذه الآمن الذي وفرته له أفغانستان. وقد دفعت أحداث 11/9 الرئيس جورج دبليو بوش إلى الزعم (في وثيقة استراتيجية الأمن القومي الأمريكي للعام 2002) بأن “الدول الضعيفة، مثل أفغانستان، يمكن أن تمثل خطراً على مصالحنا القومية لا يقل عما تمثله الدول القوية.” (الدول الضعيفة والفاشلة: المخاطر المتنامية والسياسة الأمريكية، تقرير مركز خدمات أبحاث الكونغرس CRS إلى الكونغرس، واشنطن 2008)
ما أغفله تقرير مركز خدمات أبحاث الكونغرس هو أن “البؤر النشطة للجريمة المنظمة والنزاعات الأهلية” إنما هي ناتجة عن العمليات الاستخبارية السرية الأمريكية.
 من الحقائق الموثقة جيداً، أن اقتصاد المخدرات الأفغاني الذي ينتج أكثر من 90% من إجمالي الإنتاج العالمي من الهيروين يتشابك مع عمليات تبييض أموال بالمليارات تشارك فيها كبرى المؤسسات المالية العالمية. وتحظى تجارة المخدرات الأفغانية بحماية الـCIA وقوات الاحتلال الأطلسي في ذلك البلد.
تصنيف سورية كـ”بلد فاشل”
تهيء الفظائع التي ارتكبت بحق الشعب السوري من قبل الجيش السوري الحر المدعوم أمريكياً وأطلسياً الشروط الضرورية لحرب طائفية. ومن شأن التطرف الطائفي تحطيم سورية كدولة وطنية واضمحلال السلطة المركزية في دمشق.
إن هدف السياسة الخارجية لواشنطن هو تحويل سورية إلى ما يسميه المجلس الاستخباري القومي الأمريكي NIC “بلداً فاشلاً”. فتغيير النظام يعني المحافظة على وجود سلطة مركزية، ولكن تطور الأزمة السورية يشي بأن “تغيير النظام” لم يعد هو الهدف، بل تقسيم وتدمير سورية كدولة وطنية.
فالاستراتيجية الأمريكية-الأطلسية-الإسرائيلية تقوم على تقسيم البلاد إلى ثلاث دول ضعيفة. حيث نجد أن آخر التقارير الإخبارية تزعم إنه “إذا رفض بشار الأسد التنازل عن السلطة” فإن “البديل سيكون بلداً فاشلاً كالصومال.”
أحد السيناريوهات المحتملة للتقسيم والذي جاء في تقرير صحفي إسرائيلي، يتضمن دويلات “مستقلة” سنية وعلوية-شيعية وكردية ودرزية.
فبحسب الجنرال في الجيش الإسرائيلي يائير غولان فإن “سورية هي في حرب أهلية ستنتهي بها دولة فاشلة يزدهر فيها الإرهاب.” ويضيف الجنرال غولان بأن الجيش الإسرائيلي يقوم حالياً بتحليل “الكيفية التي ستتشظى بها سورية” (رويترز 31 أيار/مايو، 2012)
في شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، صرح مبعوث السلام الأممي الاخضر الابراهيمي بأن سورية قد تتحول إلى “صومال أخرى”، …”محذراً من سيناريو تملأ فيه المليشيات وأمراء الحرب الفراغ الذي سيخلفه انهيار سلطة الدولة.” (رويترز 22 تشرين الثاني/نوفمبر، 2012)
“ما أخشاه هو الأسوء …انهيار الدولة وتحول سورية إلى صومال أخرى.”
“أعتقد بأنه ما لم يتم التعامل مع القضية بشكل صحيح، فإن الخطر هو “الصوملة” وليس التقسيم؛ انهيار الدولة وبروز أمراء الحرب والميليشيات والجماعات المقاتلة.” (المصدر السابق)
بيد أن المبعوث الأممي للسلام لم يشر إلى حقيقة أن تحطيم الصومال كان عملاً مدبراً. لقد كان جزءاً من خطة عسكرية واستخبارية أمريكية سرية، يعاد تطبيقها حالياً في عدد من البلدان المستهدفة في الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا والتي تصنف كـ”بلدان فاشلة”.
السؤال المركزي هو: من ذا الذي يُفشل الدول فيجعلها فاشلة؟ من الذي “يمحيها عن الوجود”؟
إن التفتيت المدبر لسورية كدولة ذات سيادة لهو جزء متكامل من خطة عسكرية واستخبارية تشمل أيضاً كلاً من لبنان وإيران وباكستان. فبحسب “تنبؤات” المجلس القومي للاستخبارات [الأمريكية]، فإن تفتيت باكستان مخطط للإنجاز خلال السنوات الثلاث المقبلة.
منقول..

الأحد، 3 مارس 2013

العنصرية ووهم التفوق الجنسي

يقصد بالتفرقة العنصرية فى العرف الحديث التمييز بين الأجناس فى القوانين والمعاملات ، على أساس الدم و البشرة و الإنتماء العرقي يعني المتعلقة بتكوين الجسم البشرى . وما يتبع ذلك من الحياة الفكرية ومظاهر السلوك والاجتماع . لقد صنَّفت العلوم الإنسانية الأجناس البشرية إلى جماعات تجمع بين كل منها خصائص ومميزات طبيعية متوارثة، ومن أبرز هذه الخصائص لون البشرة وشكل الجمجمة ، وملامح الوجه وطول القامة ، وقالوا : إن هذه الطبيعية يتبعها اختلاف فى المواهب العقلية والقوى النفسية وما إليها ورأى بعض هؤلاء أن تقسيم البشر إلى أجناس يرجع إلى الدم نفسه على خلاف فيما بينهم على مقدار نسبة ما يوجد من دم الآباء والأجداد فى الإنسان حتى ينسب إلى هذا الجنس ، وعلى أساس هذا التقسيم العنصري قرر الباحثون أن هناك امتيازا لبعض الناس عن بعضهم الآخر ، يحق للأجناس العالية أن تكون لها قوانين وأن تعامل معاملة خاصة ، بخلاف الأجناس الأخرى التى لا ينبغى أن تدخل معها فى هذه القوانين وتلك المعاملات .

هذا هو مفهوم التفرقة العنصرية فى العرف الحديث، و هو مفهوم باطل لا أساس له من الصحة وتقسيم مزيف يخدم أهداف من يُنَظِّْر لمثل هذه الأفكار البليدة

إن فكرة التمييز بوجه عام بين بني الإنسان فكرة قديمة، ضرورة اختلاف الناس بعضهم عن بعض في القوة الجسمية والمواهب العقلية والمظاهر المادية، والتي كان من أثرها استعلاء بعضهم على بعض، واستغلال القوي منهم للضعيف وتحكم الغني في الفقير، وسيطرة العالم على الجاهل، والتي كان من أكبر مظاهرها الرق و العبودية.
ففي الهند مثلا كانت كتبهم المقدسة تقرر التفاضل بين الناس بحسب عناصرهم التي خلقوا منها في زعمهم، فتذكر أن "براهما" خلق فصيلة البرهميين من فمه، وهم أشرف المخلوقات ولهم أرقى المناصب الدينية. وخلق فصيلة الكشتريين أو الشاتري من ذراعه، وهم الذين يتولون الوظائف الحربية. وخلق فصيلة الفيشائيين أو الفاشا من فخذه، وهم الذين يقومون بالتجارة والإنتاج. وخلق فصيلة السودرائيين والمنبوذين من قدمه، وهؤلاء لهم وظيفة واحدة هي خدمة الطبقات السابقة.
وكان اليونان يعتقدون أنهم شعب مختار، خلقوا من عناصر تختلف عن العناصر التي خلقت منها الشعوب الأخرى، التي كانوا يطلقون عليها اسم "البربر". وقد قرر أرسطو في كتابه "السياسة "أن الآلهة خلقت فصيلتين من البشر: فصيلة زودتها بالعقل والإرادة، وهي اليونان. وقد فطرتها على هذا التكوين الكامل لتكون خليفتها في الأرض، وسيدة على سائر الخلق. وفصيلة لم تزودها إلا بقوة الجسم وما يتصل اتصالا مباشرا به، وهم البرابرة أي ما عدا اليونان من بني آدم، وقد فطروا على هذا التقويم الناقص؛ ليكونوا عبيدا مسخرين للفصيلة المختارة المصطفاة. وكانوا يقرون الرق الذي يقول فيه أرسطو: إن الرقيق آلة ذو روح، أو متاع تقوم به الحياة. فهم لا يدخلونه في عداد المخلوقات الإنسانية.
(ج) وكان الرومان يعتقدون كما يعتقد اليونان أنهم سادة العالم، وأن غيرهم برابره خدم لهم، وكانت قوانينهم تقر الرق، وتعامل الرقيق على أنه متاع، مدعين أن استعباده رحمة به من القتل الذي تتعرض له الحيوانات. وإلى جانب الاسترقاق بالحروب كانوا يسترقون الفقير إذا عجز عن أداء الدين، ولم تكن للرقيق حقوق قانونية ولا مدنية، ولا يستطيع أن يقاضي سيده أو يتظلم من معاملته، بل كان لسيده الحق في قتله دون مجازاة. ولم يخفف من حدة هذه المعاملة الدين المسيحي الذي اعتنقه الرومان بعد.
والعرب في الجاهلية كانوا يعيشون على التفاخر بالأحساب والأنساب، ويعتقدون أنهم أفضل من غيرهم الذين كانوا يطلقون عليهم اسم العجم، ولعل ذلك كان أساسه اعتزاز العربي بلغته الفصيحة التي لا يوجد لها مثيل في العالم.
وكانوا بناء على ذلك يكرهون أن يتلوث دمهم العربي النقي بدم غيرهم عن طريق الزواج، ويأنفون أن يزوجوا بنتا من أحقر قبائلهم كباهلة وسلول إلى أعجمي حتى لو كان كسرى نفسه، وقد خطب كسرى أبرويز بنت النعمان بن المنذر فرفض النعمان مصاهرته، مع أنه كان أحد ولاته، وكانت حرب طاحنة بين الفرس والعرب، تكتلت فيها قبائلهم من أجل حماية حرقة بنت النعمان أن يأخذها كسرى، وانتهت المعركة بانتصار العرب في موقعة (ذي قار).
وكان العرب يستخدمون الرقيق في الأعمال المنزلية وفي التجارة، بل كان يمارس معهم الحرب أحيانا، وإذا أعجبوا به أعتقوه وجعلوه أحد أعضاء الأسرة.

ولقد ادعى اليهود أنهم شعب الله المختار، وأن الإله الذي يعبدونه لا ينبغي أن يكون معبودا لغيرهم من الناس الذين كانوا يطلقون عليهم أميين، قال تعالى: "وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ"، فكان رد الله عليهم أنهم كغيرهم من خلقه لا يفضل أحد على أحد إلا بالعمل، فقال تعالى: "قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ" [المائدة: 18]، وكانوا يعتقدون أن غيرهم من الأميين ليست لهم حقوق كحقوقهم، كما حكى الله عنهم بقوله: "وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ" [آل عمران: 75].
وكانوا يبيحون استرقاق من عداهم عند العجز عن الوفاء بالدين، وما يزال شعور التعالي والتعصب العنصري موجودًا لديهم حتى الآن، وكانت قمته هي الصهيونية بمظاهرها وأساليبها المعروفة التي تتنافى مع الكرامة الإنسانية.
والمسيحية أقرت الرق كما أقرته اليهودية، وقد جاء في المعجم الكبير للقرن التاسع عشر (لاروس): لا يعجب الإنسان من بقاء الرق واستمراره بين المسيحيين إلى اليوم؛ فإن نواب الدين الرسميين يقرون صحته، ويسلمون بمشروعيته، وجاء فيه: الخلاصة أن الدين المسيحي ارتضى الاسترقاق تماما إلى يومنا هذا، ويتعذر على الإنسان أن يثبت أنه سعى في إبطاله كما أثبت ذلك أيضا (قاموس الكتاب المقدس) للدكتور جورج يوسف.
وظل الرق معترفا به بين المسيحيين، وكثر كثرة فاحشة بعد اكتشاف أمريكا وجلب الرقيق من أفريقيا للعمل بها، وكان الاتجار على أشده بين الدول الاستعمارية يمارسه ملوكها وكبار رجالها مع قسوة بالغة العنف، برروها بأقوال من كتبهم المقدسة. وصدرت قوانين تنص على احتقار الجنس الأسود وإهدار كرامته، وكان مفكروهم ينادون بذلك، كما جاء في كتاب (روح القوانين) حيث قال مؤلفه (مونتيسكيو) الفرنسي في الفصل الخامس منه: إن شعوب أوروبا بعد ما أبادت سكان أمريكا الأصليين وهم الهنود الحمر لم تر بُدًّا من استعمار شعوب أفريقيا؛ لكي تستخدمها في استغلال هذه الأقطار الشاسعة؛ فإن هذه الشعوب سود البشرة من أقدامهم إلى رءوسهم، ولا يمكن أن يتصور أحد أن الله وهو ذو الحكمة البالغة قد خلق روحا وعلى الأخص روحا طيبة في أجسام حالكة السواد.
وعلى الرغم من إبطاله قانونا فإن الدول المسيحية ما زالت تمارسه بلون آخر هو الاستعمار والتفرقة العنصرية على ما سيأتي بيانه.
إن تقسيم البشر إلى أجناس على أساس الدم أو التكوين الطبيعي للجسم قد قرر العلماء المنصفون أخيرا أنه تقسيم باطل؛ فإن مظاهر التقدم والرقي الموجودة عند بعض الجماعات لا يرجع سببها إلى ذلك، وإنما يرجع إلى عوامل من البيئة الطبيعية والظروف السياسية والأوضاع الاقتصادية والأجواء الثقافية، وقرروا أنه لو وضع شخصان من جنسين مختلفين في بيئة حضارية وثقافية واجتماعية واحدة ما كان هناك فرق يذكر بينهما في الفكر والسلوك، وكم تقدم أفراد من أناس ملونة على أفراد من البيض في الجامعات وفي النشاط الاجتماعي العام، وذلك عندما تهيأت لهم الظروف التي تهيأت لغيرهم من الناس. ومن هنا لا تكون وراثة الخصائص البيولوجية مانعة من التقدم والحضارة عندما تتوافر الظروف للتطور والنهوض، فإذا كان هناك تخلف حضاري عند سلالة من السلالات فمرده إلى العوامل الطبيعية والاقتصادية والثقافية والسياسية وما إليها.
وقد بحث العلماء بنوع خاص في عنصرية اليهود، فأكدوا أن الموجودين منهم الآن وهم حوالي خمسة عشر مليونا في العالم كله ليسوا من عنصر واحد بحكم اختلاطهم بالأجناس الأخرى طوعا أو كرها، وقد تحدث البحاثة "بيتار " عن ذلك، وأثبت أن الإسرائيليين يكونون جماعات دينية واجتماعية قوية النفوذ وثيقة التضامن، غير أنها متباينة العناصر إلى أبعد الحدود. وأكد أن الإسرائيليين الخلص الذين هم من أصل آشوري برأسه المستطيل عددهم محدود جدا، كما قرر ذلك أيضا "هاتزجونتر" في كتابه "أصول الأجناس في التاريخ الأوروبي . . وأكده أيضا "كوماس " أستاذ التاريخ الطبيعي للأجناس البشرية في الجامعة الوطنية بمكسيكو. انظر رسالة الدكتور العمري في التفرقة العنصرية، ومجلة العربي- نسخة أكتوبر1970.
إن الاهتمام بالبحث في الأجناس وخصائصها ومميزاتها لم يأخذ شكلا واضحا إلا في العصور المتأخرة، حين غلبت على بعض الأمم القوية نزعة الاستعمار والاستغلال للأمم الضعيفة المتخلفة، أرادت به الدعاية لجنس معيَّن، أو لفكرة سياسية يمكن عن طريقها التحكم في الأجناس الأخرى. وكثيرا ما لجأت هذه الأفكار إلى الدين تستمد منه تأييدا لها، كالصهيونية التي ادعت أنها شعب الله المختار. ولقد ظهرت هذه النغمة بالذات في أوروبا في العصر الحديث، فبعد أن كانت دولها لا تفرق بين مسيحي وغير مسيحي، وبعد أن كان يفاخر بعضها البعض الآخر بالأخلاق والآثار- أصبحت تتحدث عن الأجناس وخصائصها، وتفرق بين جنس وآخر تبعا لهذه الخصائص، كما يقول المؤرخ "توينبي ".
ويرجع ظهور هذه النغمة في أوروبا إلى أسباب منها:
النزعة الاستعمارية التي تبرر نقاء الجنس الأبيض الأوروبي وزعامته لبقية الأجناس ووصايته عليها، كما مرت موجة الاستعمار الأوربي للشعوب الأخرى.
النزعة القومية المعتدة بجنسها، والداعية إلى وحدة شعوبها التي تنتمي إلى جنس واحد. وفي ظل هذه النزعة أيضا سمعنا تمسك الشعب الألماني بفكرة نقاء أصله وسلالته الآرية، وبخاصة بعد قيام الاتحاد الألماني في أعقاب الحرب السبعينية بين بروسيا وفرنسا، وجاءت نداءات: ألمانيا فوق الجميع، وقول غليوم الثاني: إنه منتدب من الله لنصرة الألمان على سائر شعوب أوروبا.
وكذلك رأينا في الشرق الجنس الأصفر الياباني يعتز بنفسه أيضا وينادي: آسيا للآسيويين. ورأينا الإنجليز أيضا ينادون بفكرة سيادة الإنجلوسكسون وتعاليهم على سكان أوروبا ما عد الشمال.
الانقلاب الصناعي والحاجة إلى الأيدي العاملة في المصانع وسوق الآلاف من العمال لخدمة الرأسماليين واستعبادهم وجلبهم من الأجناس الأخرى والأمم المختلفة، وإعطائهم أجورا قليلة دون اعتراف لهم بحقوق تحفظ كرامتهم.
إستعمار أمريكا والحاجة إلى استغلال خيراتها، الأمر الذي خلق تجارة الرقيق وجلبهم من أفريقيا للعمل في مزارعها ثم في مصانعه بعد أن أبادوا السكان الأصليين

لقد سخر المستعمرون والمستغلون علماءهم لتبرير نقاء الجنس الأبيض، وإثبات خصائص للألوان والأجناس، فزعموا أن الأجناس أربعة هي: البيض والسود والصفر والحمر، وأعلاها جميعا الجنس الأبيض. وقد علمت أن العلماء المنصفين أثبتوا أن هذه الأجناس لم يعد لها وجود متميز الآن؛ فقد تداخلت وتلاقت بعوامل مختلفة، وانتقلت خصائص بعضها إلى البعض الآخر، ولم يبق من الأجناس الصافية إلا قلة ضئيلة من الهنود الحمر، وفي وسط أفريقيا وحوض الأمازون وبعض جزر الباسفيكي وأهل أرض النار في جنوبي قارتي العالم الجديد.
لقد قال المستعمرون: إن السود والهنود الحمر ليسوا من نسل آدم، فروحهم مشتقة من أصل أقل من الإنسان. وفي معمعة التطور الصناعي ومعاملة الطبقات العاملة نشأت نظرية "داروين " في تطور النوع وبقاء الأصلح، وسادت نظرية "مندل " في الوراثة، وظهرت مؤلفات كثيرة تبحث عن فكرة عدم المساواة بين الأجناس البشرية وعن سيادة الجنس الآري. وتكونت مدرسة لها نظرياتها تزعمها الكونت "جوبينو " الفرنسي وكذلك "فاجنر " الموسيقي الألماني، ومثله (ستيوارت شامبرلين) الإنجليزي، وأيضا (لوتروب ستودارد) الأمريكي، وهؤلاء قالوا: إن الجنس الأبيض هو وحده منشئ الحضارة، وهو الجنس الآري المنحدر من شمالي الهند والقوقاز كما ظهرت نغمات: الشرق شرق، والغرب غرب، ولن يلتقيا.
مع هذا التزييف للحقائق العلمية والتحيز الظاهر في الأحكام على الأجناس البشرية الذي كان أثرا من آثار النزعة العنصرية كانت هناك آثار واضحة تطبيقية لهذه النزعة، من أهمها:
استعمار البيض للملونين، وكسبهم مزايا سياسية واقتصادية انتعشت بها أوروبا، وفكت بها أزمتها، وكثرت تبعا لذلك رؤوس الأموال الأجنبية في البلاد المستعمرة، واستنزفت ثرواتها. كما كان من لوازم الاستعمار تخصيص محاكم ومصحات ونواد وغير ذلك للسادة المستعمرين لا يتمتع بها الملونون.
احتقار البيض لغيرهم، واستخدامهم المزري لهم، كما كان يحدث في الهند؛ فقد كان الإنجليزي يركب على ظهر الهندي ليستطيع أن يمتطي جواده. وفي الصين عندما كان يجبر الصيني على جر العربة بالسائحين كالدابة سواء بسواء. وقد كتبت لافتات على بعض الحدائق العامة في شنغهاي مدينة الامتيازات الأجنبية عبارة (محظور على المواطنين والكلاب دخول هذا المكان).
العزل الاجتماعي والسياسي لأهل البلاد، وعدم تمكينهم من ممارسة نشاطهم في هذه المجالات، كما يظهر ذلك في جنوبي أفريقيا وروديسيا.
إبقاء السكان الأصليين على التأخر والجهل والانحطاط، وذلك ليمكن للأجنبي التسلط عليهم؛ فإن من المقرر عند المستعمرين أن تقدم الأهالي يخلق فرصة للمطالبة بالحرية والاستقلال، ولا شك أن ذلك كله يهدد الأمن الداخلي للبلاد التي تمارس التفرقة العنصرية، ويزعزع أركان السلام العالمي ويثير الفتن والحروب بين الدول
على الرغم من إصدار القرارات ضد التفرقة العنصرية في المؤتمرات الدولية المتعاقبة منذ مطلع القرن التاسع عشر، كان آخرها اتفاق عصبة الأمم سنة 1926 م الذي وقعه ثمان وثلاثون دولة، وعلى الرغم من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أعلنته الأمم المتحدة في العاشر من ديسمبر سنة 1948 م- فإن التفرقة العنصرية ما زالت تمارس في بعض الدول الحديثة. ومن أبرز مظاهرها ما يوجد في أمريكا وجنوبي أفريقيا.
ففي أمريكا الآن حوالي عشرين مليونا من الملونين، يقطن أكثرهم في الولايات الجنوبية، وقد قامت حرب أهلية بين الشمال والجنوب من سنة 1860 إلى سنة 1865 م بزعامة (لنكولن) صاحب فكرة تحرير العبيد، وقد قتل بيد عنصري متعصب اسمه (بوث) فى14 من أبريل سنة 1865م كان الجنوب مصرا على الإبقاء على التفرقة العنصرية لضمان استخدام الرقيق في مزارعه، وكان الشمال يصر على تحريره؛ ليتمكن من الهجرة إلى الشمال ويعمل في مصانعه. ومن هنا يعرف أن سبب هذه الحرب كان اقتصاديا استغلاليا، وليس ثورة على الكرامة الإنسانية.
وإذا كانت الحرب قد انتهت بتقرير المساواة فإن التفرقة ما زالت تمارس عمليا ومنصوصا عليها في قوانين بعض الولايات ففي دستور ولاية (مسيسبي) في الفصل الثامن في التربية والتعليم (مادة 207): يراعى في هذا الحقل أن يفصل بين أطفال الزنوج، فتكون لكل فريق مدارسه الخاصة.
وفي الفصل الرابع عشر (أحكام عامة) مادة 263: أن زواج شخص أبيض من شخص زنجي يعد غير شرعي وباطلا. بل جاء في قانون هذه الولاية أن الذي يطالب بالمساواة الاجتماعية والتزاوج بين البيض والسود بالطبع أو النشر أو أية وسيلة يعتبر عمله جرما يعاقب عليه القانون.
وهذه التشريعات تطبق في عدة ولايات أمريكية، كما جاء في تقرير قدم إلى الأمم المتحدة سنة 1947، تحت عنوان (نداء إلى العالم).
على أن الكنيسة نفسها شاركت في إقرار هذا الظلم؛ فإن للزنوج كنائس خاصة، ولا يصح لهم أن يعبدوا ربهم في كنائس البيض مع أن الذي خلقهم جميعا واحد وهو الله سبحانه.
وقد جاء في كتاب (مصرع الديموقراطية في العالم الجديد) الذي نشرته دار العلم للملايين في بيروت كثير من هذه الصور التي تدل على تمكن النزعة العنصرية من نفوس الأمريكيين.
وقد تأسست في الجنوب جمعية (كلوكلوكس كلان) لإرهاب الملونين، وانتشرت في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وهي قائمة على أنقاض جمعية لإرهاب الكاثوليك ومنع هجرتهم.
وما زالت حوادث التفرقة في أمريكا دليلا على أن هذا العالم الذي يدعي حماية الحريات يعيش على النفاق والخداع، بعيدا عن مقررات الأمم المتحدة وعن قواعد الأخلاق والإنسانية.
وفي جنوبي أفريقيا تفرقة عنصرية صارخة؛ فقد احتل الهولنديون المسمون (البوير) أي الفلاحين هذه البلاد، وأسسوا مدينة رأس الرجاء الصالح سنة 1752 م، ثم احتلها الإنجليز سنة 1806 م، وطاردت البوير إلى ناتال ثم أورانج والترنسفال، وكان البوير قد جلبوا عمالا من الملايو والهند للزراعة ولا يعترفون لهم بحقوق كحقوقهم، ولما غلب الإنجليز على هذه البلاد مكن رجالهم لاستعمارهم حتى تكون اتحاد جنوبي أفريقيا سنة 1910 م بعد حروب طويلة كان من أشهر رجالها (سيسل رودس) الذي حاول خلق حياة أفضل للبيض على حساب الأفريقيين. فكانت التفرقة العنصرية التي لم تحاول إنجلترا أن تعمل شيئا للحد منها.
لقد كان في جنوبي أفريقيا حسب إحصاء سنة 1952 نحو 5، 14 مليونا، منهم 10 أفريقيون، 3 أوربيون، ومليون من الملونين، ونصف مليون من الآسيويين. ومع ذلك يتحكم الأوربيون في بقية السكان، مطبقين للتفرقة العنصرية بأشد مظاهرها، تلك المظاهر التي تبدو في: تقييد حرية التعاقد على العمل للملونين، وعدم زيارتهم للمدن إلا لمدة اثنتين وسبعين ساعة. ووجوب الحصول على إذن فيما زاد على ذلك، وتحديد عدد المقيمين منهم في المدن، ومنع دخول كنائس البيض، وعدم علاجهم في المصحات إلا عند الضرورة القصوى، ومنع عقد اجتماع عام لهم، وتحريم امتلاكهم لعقارات البيض، ومنع التزاوج بين الأوربيين وبينهم، وتحديد عدد تلاميذ المدارس من الأفريقيين وحرمانهم من الحقوق السياسية.
وقد أثيرت مشكلة هذه التفرقة في هيئة الأمم سنة 1947 م غير أن إنجلترا وأمريكا ضغطتا على الأعضاء فلم يفز القرار بالأغلبية المطلوبة، وقامت عدة ثورات تطالب بمنع هذه المعاملة القاسية، ولكنها لم تجد أذنا مصغية.
وفي أول أبريل سنة 1960 اصدر مجلس الأمن قرارا بدعوة جنوبي أفريقيا لنبذ سياسة التفرقة العنصرية، كما أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 11 من أكتوبر سنة 1961 قرارا بلومها، ومع ذلك لم تستجب الحكومة لهذا كله. وقد دعا إلى إصدار هذه القرارات توالي حوادث العنف، وكان من أهمها حادث (شارب فيل) في 21 من مارس 1960 عندما احتج الأفريقيون على نظام تصريحات المرور، فأطلق البوليس النار عليهم وقتل منهم عددا كبيرا.

و قد حاول المستعمرون الفرنسيون القيام بنفس اللعبة مع المغاربة فأصدروا قانون الظهير البربري، واسمه الأصلي الظهير المنظم لسير العدالة في المناطق ذات الأعراف البربرية والتي لا توجد بها محاكم شرعية، أصدره الاحتلال الفرنسي للمغرب ووقعه الملك محمد الخامس في 17 ذي الحجة 1340 هـ / 16 مايو 1930 م.

ونص هذا الظهير على جعل سير العدالة في بعض مناطق القبائل الأمازيغية تحت سلطة محاكم عرفية تستند إلى قوانين وأعراف أمازيغية محلية، وفق ما كان الأمر عليه قبل دخول الاستعمار. فيما تبقى المناطق المخزنية السلطانية (مثل فاس والرباط) تحت سلطة قضاء حكومة المخزن والسلطان المغربي.
وقد عارض الوطنيون المغاربة حينذاك هذا الظهير ونعتوه بـ"الظهير العنصري" وقاموا بقراءة اللطيف في المساجد ضد ما يرونه "تفرقة" بينهم وبين الأمازيغ، و اعتبروا أن هذا الظهير جاء ليحول الأمازيغ إلى المسيحية؛ كما اعتبروا هذا الظهير خطوة استعمارية للفصل بين العرب و الأمازيغ في المغرب و ذلك لمواجهة المقاومة المتنامية.و الحقيقة التاريخية تؤكد أن السياسية الاستعمارية كانت قائمة على النظرية التقسيمية؛ التي تقسم المغرب إلى بلاد السيبة و بلاد المخزن . و من منطلق هذه النظرية الاستعمارية انطلقت فرنسا من منطلق (فرق تسد) الذي تحكم في السياسة الاستعمارية ؛ و هذا المنطلق هو الذي دخل المستعمر إلى الفصل بين مكونات الشعب المغربي لتحقيق الاستفراد بكل مكون لأنه كان يخاف من وحدة المغاربة؛ التي تعتبر سلاحا عاتيا لتكسير شوكته وما زال هذا الظهير محط جدل حاد إلى اليوم بين الحركة الأمازيغية وبين المثقفين ذوي التوجهات العربية و لازالت الحركات الأمازيغية العنصرية في المغرب العربي تسعى للتفرقة بين العرب و إخوانهم الأمازيغ.

منقول بالتصرف 

سلسلة ::. سلسلة فلسطين تحت المجهر

سلسلة ::. سلسلة فلسطين تحت المجهر- مأسات الكهرباء .:: من انتاج قناة الجزيرة تعود الى عالم الافلام الوثائقية من قبل ::. شباب الامة .:: بوجه جديد بعد بعض التعديلات في الجودة و المونتاج و ان شاء الله تعجبكم .
الحلقة الاولى : في هذه الحلقة نكشف لكم مأسات الشعب الفلسطيني و قلة الغاز و الأنقطاع الكهرباء و هذه من معانات الشعب الفلسطيني و خاصة منها غزة ، لكي نقربكم اكثر من الشعب الفلسطيني لتعرفو مدى معنات الفلسطينين في غزة و الضفة و السلام

معنى الإرهاب وحقيقته

خطر بذهني وأنا أتجول في صفحات الانترنت و شبكات التواصل الاجتماعي بكل أنواعها من مدونات ومنتديات، أن الناس لا تميز ولا تفرق بين ما هو مشروع وما هو محضور. و من مواضيع الساعة ومن أهم ما خلصت إليه، أن الشعوب مخدرة لا تميز بين الأمور، كأنهم أطفال في دور الرعاية إلا القليل من شباب الأمة.
فلا أحد يهتم بموضوع خطير جدا،أعني هذا الاخطبوط الذي يتربص بالأمم من جميع دول العالم دون استثناء ألا وهو الإرهاب! فخلصت أن أضع تعريف لكلمة الإرهاب فوجدت أن له مفاهيم متعددة، فكل دولة لها إرهابها!! لهذا سأحاول جاهدا أن أضع تعريفا بسيطا للإرهاب .
و قد وجدت له تعريفات كثيرة منها:
1الإرهاب هو الأعمال التي من طبيعتها أن تثير لدى شخص ما الإحساس بالخوف من خطر ما بأي صورة .
2الإرهاب يكمن في تخويف الناس بمساعدة أعمال العنف.
3الإرهاب هو الاستعمال العمدي والمنتظم لوسائل من طبيعتها إثارة الرعب بقصد تحقيق أهداف معينة.
4 الإرهاب عمل بربري شنيع.
5 هو عمل يخالف الأخلاق الاجتماعية ويشكل اغتصابا لكرامة الإنسان.
حينها أدركت أن كلاً منها لا يكفي لبيان مفهوم الإرهاب بياناً جلياً واضحاً تتوفر فيه شرط التعريف والحد لأن كلاً منها إما جامع غير مانع وإما مانع غير جامع وإما ليس جامعا ولا مانعا وهذا الاختلاف في تعريف الإرهاب راجع لاختلاف أذواق الدول ومصالحها وأيديولوجياتها فكل دولة تفسر الإرهاب بما يلائم سياستها ومصالحها.
الشخص الذي يجب أن نطلق عليه إرهابي فوراً ، وبكل صدق وصراحة أقولها أن أي إنسان يقوم بقتل إنسان بريء مسالم لم يعتد عليه و دون وجه حق فهو إرهابي ، بالإضافة إلى أنه كمن قتل الناس جميعا كما قال رب العزة جل وعلا في محكم كتابه في سورة المائدة آية رقم 32 يقول تعالى (( مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ. ))... يتبع